في الحياة
صفحة 1 من اصل 1
في الحياة
سألته معترضا ؛ كيف ألحقت ولدك بمعهد أجنبي و ليس يخفى عليك ما تصنعه هذه المعاهد بأفكار الطلاب و مشاعرهم ؟
فقال ؛ إنني سأرعى ولدي في دروس الدين و اللغة , و سأدعهم فيما وراء ذلك لعناية هؤلاء المدرسين الأجانب .
إن السكينة تسود فصول المدرسة ,و تقاليد الأدب تحكم صلات التلامذة و مقررات العلوم تستوعب كلها شرحا ,و الامتحانات تتم في حدود الدقة ,و الأمانة على سلوك الطالب قائمة دائمة ,تبلغ ولي أمره حينا بعد حين, و البيئة أزكى … الخ
قلت ؛ إن مدارسنا سائرة في هذا المضمار , و يجب أن نضع فيها ثقتنا.
فهز رأسه كأنه لا يصدقني …
…………………
و سألت أحد أرباب الأموال في الصعيد .
كيف تأتمن على إدارة أموالك فلانا ؟ أما وجدت في أبناء ملتك من يصلح لوظيفته ؟ .
فأجاب ؛ إنه أسرع إطاعة للأمر و تحقيقا للرغبة .
و تفانيه في خدمتي , و حفظ ثروتي أظهر من أن ينكر .
ثم هو ضعيف الشهوات , نظيف العادات ,لا ينفق راتبه إلا في الوجوه المشروعة .
أخشى لو استخدمت غيره من عمالنا أن يتعبني بشر هته ,و أن لا تتسع نقوده لمباذله في الدخان والمخدرات , إلى جانب الضرورات الأخرى ,فيجره ذلك إلى غشي و كرهي !
فقلت ؛إنك تسيء الظن بجمهور العمال عندنا ؟.
فحرك كتفيه مبديا أنه لا يحفل بهم ..
…………………
وسألت أخر ؛ ما أغراك بشراء هذه السلعة من صناعة الغرب و قد أصبحنا ننتج نظائر لها في بلادنا ؟ .
فقال ؛إن الوارد من هناك أمتن و أبقى , و ربما كان أغلى سعرا – للضرائب التي تفرض عليه قبل وقوعه بأيدينا - و مع ذلك فأنا أوثره .
إن إنتاجنا يجب في سوق المنافسة الحرة أن يروج بجودته و خصائصه .
لا بمشاعر العطف و التعصب .
و ما دام نقص القادرين على التمام لازما لنا , فإن الذين كتبوا الإحسان على كل شيء أحق بالقبول و الحفاوة منا ..
قلت ؛ تريد أن تتهمنا بالتفريط ؟ قال ؛بل بالتبلد !
إن الرجل هناك يفرغ قواه و مواهبه كلها في عمله , فإذا خرج بعد ذلك و به شائبة احمر وجهه استحياء .
و هو لا يرضى بكمال بلغه إلا ريثما يبحث عما هو أكمل منه .
و من ثم يطرد سير الحياة عندهم ,و يتمخض عن الروائع في كل ميدان .
أما نحن فالعمل يخرج من بين أيدينا كالسقط الذي لم يكتمل خلقه .
و هو إذ يخرج كذلك – بعد أن أمضينا فيه أكثر من أمده – نطلب عليه أجرا مضاعفا !!
قلت ؛ لعل ما تقوله حق …
…………………
يظن كثيرون منا أن الشرق الإسلامي أصابه في العصر الأخير ما أصابه من ضعف و تقهقر لأنه فقير إلى بأس الحديد و فيالق الجنود , و لأن أعداءه أكثر مالا و أعز نفرا .و ذلك خطأ .
فإن المسلمين هانوا حقا . و لكن لأنهم فقراء إلى العقائد و الأخلاق و الأعمال . و أعداؤهم عزوا حقا لأنهم – و لا نقتات عليهم – لا يقلون غنى في قواهم المعنوية عن غناهم الواسع في أفاق الحياة المادية .
إن ثقة هؤلاء الناس بما عرفوا من أوهام أربى من إيماننا – نحن – بما ورثنا من إسلام .
و تضحياتهم في سبيل ما اعتنقوا من مباديء أعظم من تضحياتنا في سبيل ما عرفنا من دين .
و صحيح أن كتاب الله بين أيدينا ,و أن الحق المبين مسطور في صحائفنا .
لكن بالله هب أن قوما ينشطون و يقدمون عقب القراءة << ألف ليلة و ليلة >> ألا ينتصرون في الدنيا على قوم يكسلون و ينكصون بعد قراءة آي الله و الحكمة ؟
إن الإيمان الحي الشجاع – و إن كان بباطل – يغلب الإيمان الهامد المستكين و إن كان بأنفس ما عرف الوجود من حق و كمال .. !!
ألا يفزعك هذا الموت الموحش في جنبات أمتنا ؟
ذبول في الآمال , و خور في العزائم , و تطلع تعوزه الجدار , وموهبة أقنطها الجحود ,و حيرة نسجها الجهل , و قطيع يجري تارة نحو الشرق , و تارة نحو الغرب , و هو لا يدري ما يأخذ و ما يدع .
ماذا يريد المسلمون أن تصنع لهم السماء و هم لا يصنعون شيئا يصلحون به حياتهم , و يعزون به معاشهم , و يكرمون به معادهم .
<< فهل ينظرون إلا سنة الأولين . فلن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا . >> ....
إن التقاليد التي تحكم الصلات العامة و الخاصة بين الأجانب بلغت حدا من الصرامة يستحق النظر ..
و المعروف أن هذه التقاليد لم تنبجس من ينبوع التدين باليهودية أو النصرانية , كلا ...
إن القوم اتخذوا من التسامي << بالإنسانية >> المجردة , و من الإخلاص للمبادىء التي اصتنعوها و قرروا العيش بها , اتخذوا من ذلك أديانا مقدسة الحدود , يستوحونها النشاط و الإجادة , و يوجلون من الخروج عليها .
و بذلك أصبح القيام بالواجب طبيعة فيهم لا تستريح ضمائرهم إلا في ضله .
فلا غرو إذا استقامت أحوالهم أكثر مما تستقيم في ضلال الحق أحوالنا .
لأننا لا نعرف من الحق إلا اسمه فحسب .
إنا ندرس مئات النصوص في الوضوء و النظافة لقوم تقترب من ملابسهم , فإذا الروائح الكريهة تهب منها .
على حين ينظف بدنه و ملبسه امرؤ لم يبلغه من أحاديث خاتم المرسلين نص واحد !
و منذ شهر ذهبت إلى مستشفى كبير ,أعود مريضا لي , فتفرست في الفراش الذي ينام عليه فلم أتبين لونه الأصيل من لون الوسخ المتراكم عليه .
إنه منذ صنع إلى اليوم ما أظنه غسل قط !!
أما الغرفة التي تضم لفيفا من المرضى فهي صفراء شاحبة تحتاج إلى إصلاح كثير .
و ليس المؤسف وقوع هذا .
بل المؤسف أن تألف العيون هذا دون نكير أو نذير .
و لو أشرفت على إدارة هذا المستشفى هيئة من الغرب لاستطاعت بنصف النفقة المقدرة له أن تضاعف العناية المبذولة لقاصديه .
أعرف أن في الغرب انحرافات جنسية شائنة .
و نحن في الشرق نضخم هذه الآثام و نهون في دنيا الجريمة ما يساويها أو يزيد عليها من معاص أخرى .
و لست أغض الطرف عن هذه الانحرافات , فطالما حذرت منها و نددت بها
فقال ؛ إنني سأرعى ولدي في دروس الدين و اللغة , و سأدعهم فيما وراء ذلك لعناية هؤلاء المدرسين الأجانب .
إن السكينة تسود فصول المدرسة ,و تقاليد الأدب تحكم صلات التلامذة و مقررات العلوم تستوعب كلها شرحا ,و الامتحانات تتم في حدود الدقة ,و الأمانة على سلوك الطالب قائمة دائمة ,تبلغ ولي أمره حينا بعد حين, و البيئة أزكى … الخ
قلت ؛ إن مدارسنا سائرة في هذا المضمار , و يجب أن نضع فيها ثقتنا.
فهز رأسه كأنه لا يصدقني …
…………………
و سألت أحد أرباب الأموال في الصعيد .
كيف تأتمن على إدارة أموالك فلانا ؟ أما وجدت في أبناء ملتك من يصلح لوظيفته ؟ .
فأجاب ؛ إنه أسرع إطاعة للأمر و تحقيقا للرغبة .
و تفانيه في خدمتي , و حفظ ثروتي أظهر من أن ينكر .
ثم هو ضعيف الشهوات , نظيف العادات ,لا ينفق راتبه إلا في الوجوه المشروعة .
أخشى لو استخدمت غيره من عمالنا أن يتعبني بشر هته ,و أن لا تتسع نقوده لمباذله في الدخان والمخدرات , إلى جانب الضرورات الأخرى ,فيجره ذلك إلى غشي و كرهي !
فقلت ؛إنك تسيء الظن بجمهور العمال عندنا ؟.
فحرك كتفيه مبديا أنه لا يحفل بهم ..
…………………
وسألت أخر ؛ ما أغراك بشراء هذه السلعة من صناعة الغرب و قد أصبحنا ننتج نظائر لها في بلادنا ؟ .
فقال ؛إن الوارد من هناك أمتن و أبقى , و ربما كان أغلى سعرا – للضرائب التي تفرض عليه قبل وقوعه بأيدينا - و مع ذلك فأنا أوثره .
إن إنتاجنا يجب في سوق المنافسة الحرة أن يروج بجودته و خصائصه .
لا بمشاعر العطف و التعصب .
و ما دام نقص القادرين على التمام لازما لنا , فإن الذين كتبوا الإحسان على كل شيء أحق بالقبول و الحفاوة منا ..
قلت ؛ تريد أن تتهمنا بالتفريط ؟ قال ؛بل بالتبلد !
إن الرجل هناك يفرغ قواه و مواهبه كلها في عمله , فإذا خرج بعد ذلك و به شائبة احمر وجهه استحياء .
و هو لا يرضى بكمال بلغه إلا ريثما يبحث عما هو أكمل منه .
و من ثم يطرد سير الحياة عندهم ,و يتمخض عن الروائع في كل ميدان .
أما نحن فالعمل يخرج من بين أيدينا كالسقط الذي لم يكتمل خلقه .
و هو إذ يخرج كذلك – بعد أن أمضينا فيه أكثر من أمده – نطلب عليه أجرا مضاعفا !!
قلت ؛ لعل ما تقوله حق …
…………………
يظن كثيرون منا أن الشرق الإسلامي أصابه في العصر الأخير ما أصابه من ضعف و تقهقر لأنه فقير إلى بأس الحديد و فيالق الجنود , و لأن أعداءه أكثر مالا و أعز نفرا .و ذلك خطأ .
فإن المسلمين هانوا حقا . و لكن لأنهم فقراء إلى العقائد و الأخلاق و الأعمال . و أعداؤهم عزوا حقا لأنهم – و لا نقتات عليهم – لا يقلون غنى في قواهم المعنوية عن غناهم الواسع في أفاق الحياة المادية .
إن ثقة هؤلاء الناس بما عرفوا من أوهام أربى من إيماننا – نحن – بما ورثنا من إسلام .
و تضحياتهم في سبيل ما اعتنقوا من مباديء أعظم من تضحياتنا في سبيل ما عرفنا من دين .
و صحيح أن كتاب الله بين أيدينا ,و أن الحق المبين مسطور في صحائفنا .
لكن بالله هب أن قوما ينشطون و يقدمون عقب القراءة << ألف ليلة و ليلة >> ألا ينتصرون في الدنيا على قوم يكسلون و ينكصون بعد قراءة آي الله و الحكمة ؟
إن الإيمان الحي الشجاع – و إن كان بباطل – يغلب الإيمان الهامد المستكين و إن كان بأنفس ما عرف الوجود من حق و كمال .. !!
ألا يفزعك هذا الموت الموحش في جنبات أمتنا ؟
ذبول في الآمال , و خور في العزائم , و تطلع تعوزه الجدار , وموهبة أقنطها الجحود ,و حيرة نسجها الجهل , و قطيع يجري تارة نحو الشرق , و تارة نحو الغرب , و هو لا يدري ما يأخذ و ما يدع .
ماذا يريد المسلمون أن تصنع لهم السماء و هم لا يصنعون شيئا يصلحون به حياتهم , و يعزون به معاشهم , و يكرمون به معادهم .
<< فهل ينظرون إلا سنة الأولين . فلن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا . >> ....
إن التقاليد التي تحكم الصلات العامة و الخاصة بين الأجانب بلغت حدا من الصرامة يستحق النظر ..
و المعروف أن هذه التقاليد لم تنبجس من ينبوع التدين باليهودية أو النصرانية , كلا ...
إن القوم اتخذوا من التسامي << بالإنسانية >> المجردة , و من الإخلاص للمبادىء التي اصتنعوها و قرروا العيش بها , اتخذوا من ذلك أديانا مقدسة الحدود , يستوحونها النشاط و الإجادة , و يوجلون من الخروج عليها .
و بذلك أصبح القيام بالواجب طبيعة فيهم لا تستريح ضمائرهم إلا في ضله .
فلا غرو إذا استقامت أحوالهم أكثر مما تستقيم في ضلال الحق أحوالنا .
لأننا لا نعرف من الحق إلا اسمه فحسب .
إنا ندرس مئات النصوص في الوضوء و النظافة لقوم تقترب من ملابسهم , فإذا الروائح الكريهة تهب منها .
على حين ينظف بدنه و ملبسه امرؤ لم يبلغه من أحاديث خاتم المرسلين نص واحد !
و منذ شهر ذهبت إلى مستشفى كبير ,أعود مريضا لي , فتفرست في الفراش الذي ينام عليه فلم أتبين لونه الأصيل من لون الوسخ المتراكم عليه .
إنه منذ صنع إلى اليوم ما أظنه غسل قط !!
أما الغرفة التي تضم لفيفا من المرضى فهي صفراء شاحبة تحتاج إلى إصلاح كثير .
و ليس المؤسف وقوع هذا .
بل المؤسف أن تألف العيون هذا دون نكير أو نذير .
و لو أشرفت على إدارة هذا المستشفى هيئة من الغرب لاستطاعت بنصف النفقة المقدرة له أن تضاعف العناية المبذولة لقاصديه .
أعرف أن في الغرب انحرافات جنسية شائنة .
و نحن في الشرق نضخم هذه الآثام و نهون في دنيا الجريمة ما يساويها أو يزيد عليها من معاص أخرى .
و لست أغض الطرف عن هذه الانحرافات , فطالما حذرت منها و نددت بها
وائل- الجنس : نقاط : 14
عدد المساهمات : 8
تاريخ التسجيل : 03/10/2010
مواضيع مماثلة
» لكل عضو في هذا المنتدى _ماذا علمتك الحياة
» لو اضطررت إلى اصطحاب حيوان مدى الحياة, فأي من الحيوانات تختار؟
» لو اضطررت إلى اصطحاب حيوان مدى الحياة, فأي من الحيوانات تختار؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى